بقلم دكتور عمرو صلاح محمد / استاذ مساعد بقسم بحوث الزيتون وفاكهة المناطق شبه الجافه
تعتبراشجار الزيتون من أقدم الأشجار المثمرة التي عرفتها البشرية ، وارتبط تاريخه بالانسان منذ الاف السنين ليس فقط كغذاء بل كرمز للسلام والحياة والبركه ، ويطلق عليه الذهب الأخضر لما يمثله من قيمة غذائية واقتصادية وبيئية هائلة ، ويعد موسم حصاد الزيتون حدثا سنويا تنتظره العائلات في كثيرمن البلدان لكونه يجمع بين الطابع الزراعي والثقافي والاجتماعي.
يُعد حصاد الزيتون واحداً من أهم المراحل الزراعية وأكثرها ارتباطاً بالتراث الثقافي والاقتصاد الريفي في منطقة دول حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يُطلق على الزيتون وزيته لقب "الذهب الأخضر" لما له من قيمة غذائية وصحية وتجارية. إن عملية الحصاد ليست مجرد جمع للثمار، بل هي مناسبة اجتماعية وثقافية تمثل رابطاً بين الأجيال، وتؤثر بشكل مباشر في جودة الزيت وإنتاجيته.
يختلف موعد الحصاد من بلد لأخر تبعا للمناخ والصنف المزروع ، يبدأ موسم الحصاد في مصر عادة في نهاية فصل الصيف (من اغسطس حتى ديسمبر) حسب نوع الصنف والمنطقة الجغرافية ، ويعتمد التوقيت على الهدف من الإنتاج: الزيتون الأخضر للمائدة يُجمع قبل اكتمال النضج للحفاظ على صلابته ونكهته ، ومن أهم أصناف المائدة في مصر هو العجيزي الشامي والعقص والتفاحي ، وتعتبر محافظة الفيوم من أشهر محافظات الجمهورية التي ينتشر بها زراعة أصناف المائدة وهي أول محافظة تبدأ في جمع الزيتون في مصر. أما بالنسبه لأصناف المائدة الملونه (الأصناف الداكنه) مثل البيكوال والكلاماتا فيتم جمعهم في شهر اكتوبر.
أما الأصناف الزيتية فتترك حتى تزداد فيها نسبة الزيت ويكتسب 60 % من الثمار للون الداكن ويتم جمعها ابتداء من شهر اكتوبر وحتي ديسمبر ومن اهم الأصناف الزيتية في مصر هي اصناف المراقي والكوراتينا والكروناكي ، اختيار التوقيت المناسب يسهم في تحسين كمية الزيت وجودته.
طرق حصاد الزيتون
هناك العديد من طرق جمع الزيتون تختلف من مكان لأخر وحسب الغرض من الزيتون سواء اصناف زيتيه اوأصناف مائدة.
الطرق التقليدية اليدوية: وهي الجمع باليد مباشرة للحفاظ على جودة الثمار وهي أفضل طرق الجمع والتي تناسب اصناف المائدة والمساحات الصغيرة نسبيا.
أما استخدام العصي الخشبية لضرب الأغصان فتسقط الثمار علي الارض فهي من أسوا طرق الجمع ولا ينصح بها علي الإطلاق لأنها تسبب جروح في ثمارالزيتون وتقلل من قيمتها الاقتصادية ، وأيضا تؤدي لأرتفاع درجة الحموضه في زيت الزيتون ، بالاضافة انها تعمل علي تقطيع الأفرع والطراحات وتؤثر علي انتاجية الأعوام التالية مما تسبب خسائراقتصادية فادحة.
الطرق الميكانيكية الحديثة
وهي اما طرق نصف ميكانيكية باستخدام هزازات يدوية تعمل بالبطاريات او الهواء وهي تناسب الاصناف الزيتية فقط والمساحات المتوسطه.
اما المساحات الكبيرة فيفضل استخدام آلات ميكانيكية كبيرة تسمي هزازات الاشجار تعمل علي هز اللأشجار بحيث تقبض علي جزع الشجرة الرئيسي وتعمل علي هزه وتسقط الثماربنسبة تصل ل 98 % من كمية الثمار الموجوده علي الشجرة خلال دقيقة واحده علي شبكات خاصة. من مميزاتها السرعة في العمل وتخفيض تكاليف الجمع في المزارع الكبيره ومن العيوب وقد تُسبب ضرراً للأشجار أو الثمار.
ويمكن الجمع بين الأساليب اليدوية والنصف ميكانيكية خاصة في الحقول المتوسطة الحجم.
أما نظام الزراعة عالية الكثافة فيتم استخدام Over row harvester
هناك عدد من العوامل التي تؤثر في جودة الحصاد: ومنها درجة نضج الثمار: كلما كان الزيتون في مرحلة مثالية من النضج زادت الجودة. طريقة الجمع: الحصاد اليدوي يقلل من تضرر الثمار مقارنة بالميكانيكي. زمن النقل والتخزين: يجب عصر الزيتون خلال 24-48 ساعة بعد الحصاد للحفاظ على جودة الزيت.الظروف المناخية: الأمطار الغزيرة أو الصقيع أثناء الحصاد قد تؤثر سلباً.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للحصاد
· في العديد من القرى يُعتبر الحصاد عيداً شعبياً تقام فيه تجمعات وأغاني تقليدية.
· مشاركة الأجيال المختلفة في عملية الجمع تضمن نقل الخبرة والحفاظ على التراث.
· يشكل موسم الحصاد مصدراً أساسياً للدخل لآلاف الأسر الريفية.
· يوفر فرص عمل موسمية ويُعتبر موسماً اجتماعياً يشارك فيه جميع أفراد العائلة.
· يمثل الزيتون وزيته منتجاً استراتيجياً للتصدير يعزز الاقتصاد الوطني.
· الزيتون رمز للسلام والصمود، وتاريخه ممتد في الكتب السماوية والأساطير القديمة.
التحديات في حصاد الزيتون
· ارتفاع تكاليف العمالة وقلة الأيدي العاملة في بعض المناطق.
· التغيرات المناخية التي تُعجّل أو تؤخر النضج.
· ضعف استخدام التقنيات الحديثة في بعض المزارع الصغيرة نظرا لأرتفاع تكاليفها.
استراتيجيات تحسين الحصاد
· اعتماد التقنيات الميكانيكية في المزارع الكبيرة لتقليل التكاليف.
· تدريب العمال على أساليب حصاد تحافظ على جودة الثمار.
· استخدام التكنولوجيا الرقمية (مثل الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار) لتحديد أفضل وقت للحصاد.
· دعم التعاونيات الزراعية لتجميع المحصول والتسويق بشكل جماعي.
خاتمة: يبقى حصاد الزيتون أكثر من مجرد عملية زراعية، فهو موروث حضاري واقتصادي يربط الماضي بالحاضر ويشكل دعامة للتنمية المستدامة في الدول المنتجة. إن الحفاظ على جودة الزيتون وزيته يتطلب إدارة رشيدة للحصاد تجمع بين خبرة الأجداد وتقنيات العصر الحديث. وبذلك، يستمر الزيتون في لعب دوره كـ"ذهب أخضر" يحمل قيمة اقتصادية وثقافية وصحية للعالم أجمع